النظم التي تقع خارج الوادي
تستخدم مياه الأمطار التي يتم حصادها في هذه النظم لري مناطق تقع خارج قرار الوادي. وقد تستخدم منشآت لإجبار مياه الوادي على الانحراف عن مجراها الطبيعي والتدفق إلى مناطق قريبة ملائمة للزراعة خارج الوادي. وقد تستخدم منشآت مشابهة لجمع مياه الأمطار من مستجمع يقع خارج قرار الوادي. وفيما يلي أكثر التقنيات المستخدمة خارج الوادي أهمية:

1- نظم نشر المياه Water spreadin

يتم في هذه التقنية، التي يطلق عليها أيضاً اسم ''تحويل مياه السيول''، إجبار جزء من مياه الوادي المتدفقة على التحول عن مجراها الطبيعي إلى مناطق قريبة ويتم استخدامها لري المحاصيل المزروعة. وتخزن هذه المياه في منطقة جذور المحاصيل، أي أنها تكمل الهطل المطري. وعادة مايتم إنجاز تحويل المياه بوساطة حاجز يرفع من مستوى المياه في قرار الوادي، مما يسمح للجريان بالتوزع بفعل الجاذبية على أحد طرفي الوادي أو كليهما معاً. ويتم توجيه الجريان خارج الوادي بوساطة متون منحرفة قليلاً دون خطوط الكِفاف، ومبتعدة عن خط الوادي.

وتتطلب عملية توزيع المياه أرضاً متجانسة نسبياً ذات انحدار قليل. وقد تدرج الأراضي الزراعية (land grading) وتقسم إلى أحواض بإنشاء سدود للسماح بتخزين كمية كافية من المياه من أجل الموسم. كما يجب أن تكون التربة عميقة تتسم بمقدرة كافية على الاحتفاظ بالمياه.

نظام نشر المياه أثناء تشغيله بشمالي تونس

وبما أن نظاماً كهذا يتطلب اختبار الموقع المناسب وجودة في تصميم المنشآت والقناة الناقلة وتنفيذها، فقد يستعان بخبرة أحد المهندسين. ويجب أن تكون المنشآت متينة بالشكل الكافي لمقاومة قوى الجريان وتكون على ارتفاعٍ كافٍ لتحويل القدر المطلوب من مياه السيول المتدفقة إلى الوادي. وقد اسُتخدمت مواد مختلفة لبناء منشآت التحويل، بما في ذلك الحجارة والإسمنت. وتعتبر أكثر المنشآت صموداً تلك المصنوعة من الصِماد (gabion) المملوء بالحجارة.

ومن بين النقاط المهمة التي يجب أخذها بعين الاعتبار هي أن تسمح درجة انحدار قناة النقل بسرعة جريان كافية لمنع تراكم الرسابات بالقرب من المنشآت، وإلا ستعمل هذه الرسابات على إغلاق التدفق الأمر الذي يستلزم تكبد نفقات مرتفعة من أجل الصيانة.

2- المتون الكبيرة Large bunds
الطابيا الأنموذج من جبال مطماطة في شمالي تونس.
يطلق على هذه المتون في تونس اسم طابيا، ويتألف هذا النظام من سدود ترابية تأخذ شكلاً نصف دائري، أو شبه منحرف، أو شكل الحرفV، ويصل طولها (المسافة مابين نهايتي كل متن) حوالي 10-100م بارتفاع يتراوح مابين 1-2م. وغالباً ما يتم عملها بشكل خطوط طويلة ومتعرجة مواجهة للجهة العلوية للمنحدر. وتكون المسافة في العادة على طول الكِفاف مابين المتون المتجاورة مساوية لنصف طول المتن. ويجب حماية نهايتي المتن من الإنـجراف فغالباً ما تكون سرعة جريان المياه كبيرة حولها. ويتم إنشاء المتون الكبيرة عادة بوساطة الآليات، ونادراً مايتم عملها يدوياً. وتستخدم هذه المتون لدعم الأشجار، والشجيرات، والمحاصيل الحولية في منطقة WANA، كما تستخدم لدعم الذرة الرفيعة، والدخن الصغير في منطقة جنوب الصحراء الإفريقية.

وتستطيع المتون الكبيرة ذات الشكل نصف الدائري تخزين كميات كبيرة من المياه، غير أنها قد تتعرض للتهدم إذا ماتعرضت إلى عواصف مطرية شديدة، الأمر الذي يتطلب التخطيط للسيطرة على المياه الفائضة. وإن أكثر الفترات حرجاً هي تلك التي تعقب إنشاء المتون مباشرة، وقبل استقراراها بشكل كامل. كما يجب إصلاح أي انهيار يحدث في المتن على الفور. وعلى اعتبار أن هذه النظم هي نظم غير تقليدية، فإن اعتمادها قد تعتريه المشكلات.

3- الخزانات والحفائر Tanks and hafair
تتألف الخزانات عادة من أحواض ترابية يتم حفرها في الأرض في مناطق قليلة الانحدار تستقبل مياه الجريان القادمة إما من الوادي أو من منطقة مستجمع مائي كبير. وتعرف هذه الخزانات في أجزاء من جنوب إفريقيا باسم ''البرك الرومانية''، ويتم بناؤها عادة بعمل جدران حجرية. وتتراوح الطاقة الاستيعابية لهذه البرك من بضعة آلافٍ من الأمتار المكعبة، وهنا يطلق عليها اسم الحفاير، إلى عشرات الآلاف من الأمتار المكعبة. وتعد هذه الخزانات شائعة جداً في الهند، حيث تدعم مايربو عن 3 ملايين هكتار من الأراضي المزروعة. أما في منطقة WANA، لاسيما في السودان، والأردن، وسورية، فتعتبر الخزانات الأصغر حجماً هي الأكثر شيوعاً وتستخدم بشكل رئيس لاستهلاك المياه من قِبل الإنسان والحيوان.

خزانات رومانية قديمة لاتزال قيد الاستعمال في كثير من مناطق غربي آسيا وشمالي إفريقيا (WANA).
الحفائر في جنوبي السودان تزود كل من الإنسان والحيوان بالمياه خلال الموسم الجاف.













وترتبط بالحفاير العديد من المشكلات: إذ قد تتعرض المياه الراكدة للتلوث، وتصبح موقعاً لاستقطاب الحشرات، وبؤرة للأمراض. وبما أنها تفتقر إلى وجود السياج من حولها، فإنها تعد مصدر خطرٍ قد يسفر عن حوادث غرق تمس الإنسان والحيوان على حد سواء. كما يعد الفاقد المرتفع نتيجة التسرب والتبخر من المساوئ الأخرى لهذه المنشآت. وثمة تحسينات عديدة يتم تقديمها بين الفينة والأخرى للتغلب على هذه العوائق، تشمل عمل سياج وبطانة وأحواض للترسيب لهذه الخزانات.

4- الخزانات الأرضية Cisterns
هذا النوع من الخزانات هو أحواض محلية، يتم إنشاؤها تحت الأرض، وهي ذات طاقة استيعابية تتراوح من 10-500متر مكعب. ويتم فيها تخزين المياه ليصار إلى استهلاكها من قبل الإنسان والحيوان. وفي كثير من المناطق، كما في الأردن وسورية، يتم حفر هذه الخزانات في الصخور، وفي هذه الحالة تكون طاقها الاستيعابية صغيرة في العادة. وفي الشمال الغربي من مصر، يقوم الزرّاع بحفر خزانات كبيرة (200-300 م3) في رسوبيات التراب تحت طبقة من الصخر الصلد، إذ تشكل الطبقة الصخرية سقف الخزان، بينما تغطى الجدران بطبقة جصية كتيمة. أما الخزانات الإسمنتية الحديثة، فيتم إنشاؤها في مناطق لاتوجد فيها طبقة صخرية.

تعد الخزانات الأرضية حيوية للسكان في المناطق النائية حيث لا يتوافر أي مصدر آخر للمياه. ولا يزال هذا الخزان يقدم الدعم للإنسان والحيوان والحدائق في المناطق الريفية.
تجمع مياه الجريان من مستجمع مجاور أو تأتي عبر قناة من مستجمع بعيد. وعادة ما يُحول أول جريان لمياه الهطل المطري في الموسم بعيداً عن الخزان للتقليل من احتمال حدوث التلوث. وفي بعض الأحيان، يتم إنشاء أحواض للترسيب بهدف التقليل من كمية الرواسب، غير أن الزرّاع ينظفون الخزان عادة مرة في السنة أو مرة كل سنتين. أما الطريقة الأنموذجية لرفع المياه فتعتمد على استخدام الدلو والحبل.

ولاتزال الخزانات المصدر الوحيد لمياه الشرب بالنسبة للإنسان والحيوان في كثير من المناطق الجافة التابعة لـ WANA، كما أن لها دوراً حيوياً في الحفاظ على وجود السكان الريفيين في هذه المناطق. واليوم، غالباً ماتستخدم هذه الخزانات لدعم حدائق الدار، إضافة إلى تلبية المتطلبات المنزلية. أما المشكلات المرتبطة بهذا النوع من الخزانات فتشمل كلفة إنشائها، وطاقتها المحدودة، والرواسب، والمواد الملوثة التي تأتي من المستجمع.

5- نظم جريان المياه على طرف الهضبة Hillside-runoff systems
يطلق على هذه التقنية في الباكستان اسم سيلابا، أو كما أطلق عليها سابقاً اسم سايلابا، وبها يتم توجيه مياه الجريان من خلال أقنية صغيرة إلى حقول منبسطة تقع عند سفح المنحدر. وتتم تسوية الحقول وإحاطتها بسدود صغيرة مع مفيض لتصريف فائض المياه إلى حقل آخر أسفل المجرى. وعندما تملأ الحقول التي تقع على سلسلة واحدة بالمياه، يسمح للمياه المتبقية بالتدفق إلى الوادي. وعندما يتم التخطيط لعمل أقنية عديدة رافدة، فإن أحواض التوزيع تكون على قدر من الفائدة. ويعتبر هذا النظام مثالياً لاستخدام مياه الجريان القادمة من المناطق الهضبية أو الجبلية الجرداء أو ذات النباتات المتناثرة.

ويتطلب عمل نظم أقنية جانب الهضبة تصميماً ملائماً، وعمالة مرتفعة، وربما قد تتطلب المساعدة من أحد المهندسين. ويجب أن يكون انحدار القنوات كافياً لمنع حدوث الترسيب، وإلا فإن تنظيفها عقب كل عاصفة مطرية شديدة يعد أمراً واجباً. كما تجب تسوية الحقول وإنشاء المفيضات عند ارتفاعات ملائمة لضمان توزيع متجانس للمياه. ويمكن استخدام هذه التقنية لري أي محصول تقريباً.

يحتجز نظام مياه الجريان على طرف الهضبة المياه عند جريانها إلى أسفل الهضبة. (صورة التقطها برينز).
© 2003 المركز الدولـي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) ، راجع حقوق النشر
  الصفحة الرئيسية> المطبوعات باللغة العربية> حصاد المياه