| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ولا ينظر الناس إلى الأشجار كما ينظرون إلى بقية النباتات التي ينمو معظمها لفترة قصيرة ثم يموت، بل ينظرون إليها بوصفها معالم ثابتة في المناظر الطبيعية. وخلال سنين طويلة ظلت الأشجار الكبيرة المعمرة تظلِّل المنازل والشوارع وتحميها من وهج الشمس، وتوفر الغطاء الواقي للطيور والحيوانات البرية الأخرى. وتبشر براعمها وأزهارها بقدوم فصل الربيع كل عام. وفي كثير من المناطق المعتدلة تشكل أوراقها عرضًا زاهيًا غنيًا بالألوان في فصل الخريف. تستمر الأشجار في النمو طوال حياتها. وتصنع أوراق الأشجار الغذاء اللازم لبقاء الشجرة على قيد الحياة والمساعدة على النمو. وفي المناطق ذات الشتاء البارد تفقد كثير من الأشجار أوراقها في فصل الخريف، بينما تحتفظ أشجار أخرى بأوراقها أثناء فصل الشتاء، وبذلك تبقى خضراء طوال العام. وتمر الأشجار التي تفقد أوراقها في فصل الخريف بطور سكون خلال فصل الشتاء. وبقدوم فصل الربيع تنبت أوراقًا وأزهارًا جديدة. وتنمو الأزهار وتتحول إلى ثمار تحتوي على البذور التي تنبت منها أشجار جديدة. ثمار بعض الأشجار مثل التفاح والبرتقال حلوة المذاق. ويزرع مزارعو الفاكهة كميات كبيرة من هذه الفواكه بغرض تسويقها. وتنمو الأشجار أيضًا وتُكوِّن خشبًا جديدًا كل عام، عندما يصبح الجو دافئًا. ويعتبر الخشب واحدًا من أغلى منتجات الأشجار ثمنًا.
وهناك الآلاف من أنواع الأشجار، ولكن معظم الأشجار تنتمي لإحدى مجموعتين رئيسيتين هما: الأشجار ذات الأوراق العريضة، والأشجار ذات الأوراق الإبرية. وينمو هذان النوعان من الأشجار في كل من آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية وأجزاء عديدة أخرى من العالم. وتُعدُّ أغلب الأشجار السائدة في أستراليا؛ مثل أشجار الصمغ (الأوكالبتوس) وأشجار الأكاسيا الأسترالية (السنط) من الأشجار عريضة الأوراق، كما تسود أغلب الأشجار المستوطنة فى نيوزيلندا أيضا أشجار عريضة الأوراق. وتنمو بصورة رئيسية معظم أنواع الأشجار الأخرى مثل السيكاد والجنكة وأنواع النخيل والسراخس الشجرية في المناطق الدافئة.
أهمية الأشجار
منتجات الأخشاب. تُقْطَع ملايين الأشجار في غابات العالم كلّ عام، وتنقل الكتل من هذه الأشجار إلى المناشر ومصانع لب الورق. وتقوم هذه المناشر بنشر هذه الكتل إلى أخشاب تدخل في بناء المباني وأنواع عديدة من الأعمال الإنشائية. ويستعمل رجال الصناعة الأخشاب لعمل كل شيء، من الأثاث إلى مضارب الكريكيت. وتحول مصانع لب الورق الكتل إلى عجينة خشبية تعتبر المادة الخام الرئيسية لتصنيع الورق، وتستعمل الصناعات الكيميائية العجينة الخشبية لب الورق في تصنيع الكحول والبلاستيك ومنتجات أخرى. انظر: منتجات الغابة؛ خشب الصناعة الخام.
الفحم النباتي. هو أحد المنتجات الجانبية المهمة للخشب، وهو خشب محروق جزئيًا، ويتكون في غالبيته من الكربون. انظر: الكربون. ويُستعمل في كثير من أنحاء العالم للطبخ والتدفئة. ويُعَد الفحم النباتي ـ عادة ـ في أفران خاصة. الفلين. يؤخذ من القلف الإسفنجي لأنواع البلوط الفلينية التي تنمو في بعض أقطار حوض البحر الأبيض المتوسط. العقاقير. يُعدّ الأسبرين والكينين والكوكايين من منتجات الأشجار. والأسبرين هو حمض الساليسليك المستخلص من قلف أشجار الصفصاف. والكينين الذي يستعمل لعلاج الملاريا، يُستخلص من قلف شجرة الكينا التي تنمو بأمريكا الجنوبية، وزرعت أيضا في أماكن أخرى من المناطق الاستوائية. الصموغ والمواد الراتينجية. منتجات أشجار ذات قيمة تجارية. تفرز أشجار الصمغ العربي الصمغ الذي يُستعمل في لصق الورق وغيره. وشجرة الصمغ العربي التي تنتمي إلى الفصيلة القرنية، تنمو في منطقة الشرق الأوسط. أما الراتينج، السائل اللزج الذي يستعمل في صنع التربنتينة، فيُجمع من أشجار الصنوبر في أجزاء كثيرة من العالم. المطاط. يؤخذ من مادة لبنية بيضاء اللون تسمى عصارة النبات التي تستخرج بوساطة قطع (شق) قلف شجرة المطاط. وشجرة المطاط موجودة طبيعيا في غابات الأمازون المطيرة، وتكثر زراعتها في مزارع تجارية شاسعة في كثير من المناطق الاستوائية. حمض التنيك. يستخدم في صناعة الدباغة لتحويل جلود الحيوانات إلى جلود مدبوغة. ويُستخرج من قلف أشجار البلوط وأشجار أخرى. وتشمل المنتجات الأخرى للأشجار، ليف جوز الهند، وهو ليف خشبي يغطي قشرة جوز الهند. يستخدم في الشرق الأقصى لعمل الحصائر والسّلال والحبال الخشنة والمنسوجات. أما القطن الكاذب فله خيوط قطنية تغلِّف قرون شجرة القطن الحريري بالمناطق الاستوائية بكل من إفريقيا وآسيا، وتستخدم بكثرة، كمادة عازلة في صناعة البَرْكات (البَرْكة سترة رياضية أو سترة مصنوعة من الفرو) ولعمل أكياس النوم وكحشوة للعلب. تفرز أوراق النخيل الكرنَوْبية التي تنمو فى شمال البرازيل نوعا من الشمع يُستخدم في صنع المواد الملمعة والكبريت وأقلام الطباشير والبلاستيك.
توفر الأشجار أيضا مصدرا مهمًا لغذاء ومأوى الحيوانات البرية. وتتغذى الحشرات بكل أجزاء الشجرة من الأوراق والقلف إلى الجذور. وتعتمد الطيور ـ مثل نقار الخشب ـ على الأشجار في الحصول على الحشرات التي تتغذى بها ولبناء عشها في تجاويف داخل الأشجار. وفي الغابات الاستوائية تعيش مجتمعات متكاملة من الحيوانات في ظلال الأشجار العالية. تساعد الأشجار أيضًا في الحفاظ على توازن الغازات ونقائها في الجو؛ إذ تمتص أوراق الأشجار غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء، وهي أيضا تنتج غاز الأكسجين وتطلقه في الجو. وهاتان العمليتان ضروريتان لبقاء الإنسان. ولايمكن أن يعيش الناس في جو ترتفع فيه نسبة ثاني أكسيد الكربون أو تقل فيه نسبة الأكسجين عن الحد المعقول. أنواع الأشجار
ويمكن أيضا تقسيم الأشجار إلى ست مجموعات، حسب الصفات المختلفة المشتركة بينها. وهذه المجموعات الست هي: 1- الأشجـار ذات الأوراق العريضة. 2- الأشجار ذات الأوراق الإبرية (المخروطية). 3- أشجار النخيل والكاذي والزنبق. 4- الأشجار السيكاسيه. 5- السراخس الشجرية. 6- أشجار الجنكة.
ويطلق المختصون بأمور الغابات اسم الأخشاب الصلدة على الأشجار ذات الأوراق العريضة؛ لأن كثيرًا من هذه الأشجار مثل، أنواع الزان، والقيقب، والبلوط لها أخشاب متينة وصلبة، وتصلح مثل هذه الأخشاب لعمل الأثاث الجيد. وبعض الأشجار عريضة الأوراق مثل أشجار الزيزفون والحور لها أخشاب ضعيفة وخفيفة الوزن. وتنمو أشجار البلوط الصحراوي في وسط وشمال غربي أستراليا. والأخشاب التي تنتجها، أخشابٌ شديدة الصلابة وتقاوم الحشرات والآفات. ومعظم الأشجار في هذه المنطقة صغيرة الحجم.
والغالبية العظمى من الأشجار ذات الأوراق الإبرية دائمة الخضرة بالرغم من أنها تنتج أوراقًا جديدة كل عام. ويتحول لون أقدم الأوراق إلى أصفر أو بني، ثم تسقط، بينما تظل أحدث الأوراق خضراء ولاتسقط. وهناك أنواع قليلة من الأشجار ذات الأوراق الإبرية متساقطة الأوراق. وأحد هذه الأنواع هو نبات الأرزية الذي ينمو في الغابات الشمالية. ونوع آخر من ذوات الأوراق الإبرية متساقطة الأوراق هو السَّرْو المكسيكي. ويطلق مختصو الغابات اسم الأخشاب اللينة على الأشجار ذات الأوراق الإبرية؛ لأن معظمها ينتج أخشابا أقل متانة وصلابة من ذوات الأوراق العريضة. لكن أخشاب تنوب دوجلاس والطقسوس وبعض الأشجار الإبرية الأوراق الأخرى صلبة. وتنتمي الأشجار ذات الأوراق الإبرية إلى مجموعة نباتية تسمى عاريات البذور. وهذه المجموعة ليس لها أزهار حقيقية وبذورها غير مطوقة بثمار. تحمل معظم أشجار عاريات البذور بذورها في مخاريط مكونة من حراشف قاسية، وتكون البذور مكشوفة على سطح هذه الحراشف. انظر: الصنوبر المخروطي؛ عاريات البذور. تنمو معظم المخروطيات شمالي خط الاستواء. وتنتمي معظمها إلى أربع فصائل هي: الصنوبر والسرو والطقسوس والطَّقْسُوديوم (نوع من أشجار الزينة يشبه السرو). وتُعد فصيلة الصنوبر أكبر هذه الفصائل. وهي لاتشمل الصنوبريات فقط، بل تشمل أنواعًا أخرى مثل أنواع التنوب والإتسوغة واللاركس والراتينجية. وتمثل أشجار الصنوبر جنسًا كبيرًا داخل الفصيلة الصنوبرية. ومن أكثر الأنواع المعروفة من بين 200 نوع داخل هذه الفصيلة هو الصنوبر الأسكتلندي ذو القلف الأحمر. وتشمل الفصيلة الطقسوسية بعض أشجار الزينة المعروفة من أنواع الطقسوس الإنجليزي والطقسوس الياباني. وأنواع الطقسوس لاتنتج مخاريط وإنما تحمل ثمارًا عشبية شبيهة بالكوب. ويحمل الكثير من أعضاء الفصيلة السَّرويَّة أوراقا حرشفية، وتفرز رائحة توابل زكية. وتتضمن فصيلة الطقسوديوم أنواعًا عديدة، بالإضافة إلى أضخم أنواع الأشجار وهي أشجار السكويا العملاقة التي تنمو غربي أمريكا الشمالية. تنمو فصيلتان من فصائل المخروطيات هما: ـ الفصيلة المعلاقية والفصيلة الأروكارية ـ غالبًا جنوبي خط الاستواء. والأشجار المعلاقية دائمة الخضرة عالية ولها أوراق أعرض من أوراق معظم الأشجار ذات الأوراق الإبرية. أما الفصيلة الأروكارية فتشمل الصنوبر التشيلي، وهذه الأشجار غريبة الشكل لها فروع شبيهة بالثعابين ومغطاة بأوراق حرشفية حادة. وتسمى في بعض الأحيان شجرة لغز القرود؛ لأن أوراقها الحادة تجعل التسلق عليها صعبا. وتشمل الأشجار ذات الأوراق الإبرية المستوطنة في نصف الكرة الجنوبي أنواع الصنوبر الكوري التي تنمو إلى ارتفاع يقارب ارتفاع أشجار السكويا بأمريكا الشمالية. والأشجار ذات الأوراق الإبرية في نصف الكرة الجنوبي نادرا ما تكون غابات شاسعة. وتوجد كأشجار منفردة أو في جيوب صغيرة بين الأشجار العريضة الأوراق. أشجار النخيل والكاذي والزنبق. تنتمي كلها إلى مجموعة كبرى من النباتات الزهرية تسمى ذوات الفلقة الواحدة. وتنمو هذه الأشجار في الغالب في المناخ الدافئ، ومن بين هذه الأنواع الثلاثة التي تكون هذه المجموعة تُعد أشجار النخيل هي الأكثر أهمية. يوجد نحو 2,500 نوع من أنواع النخيل، وتتفاوت ما بين نخيل جوز الهند بالجزر الاستوائية إلى نخيل التمر بالواحات الصحراوية. ومعظم أشجار النخيل ليس لها فروع. وللجذع تاج ذو أوراق ضخمة والأوراق إما ريشية أو مروحية الشكل. انظر: النخلة. وعلى النقيض من معظم أنواع النخيل فإن لأشجار كل من الكاذي والزنبق فروعًا، ولكل فرع تاجٌ مكوَّنٌ من أوراق شبيهة بالسيوف. ومعظم أشجار الكاذي لها جذور ركائزية تمتد من أعلى الجذوع أو الفروع إلى داخل الأرض. وأشجار الزنبق لها صلة وثيقة بأزهار الحدائق المسماة بالزنبق. وكثير من هذه الأشجار له أزهار جذابة وعطرة. وتُعد أشجار اليُكُّة بالمكسيك والجنوب الأقصى للولايات المتحدة ضمن أشجار الزنبق. ومن أحسن أنواع اليكة المعروفة، شجرة يوشع ذات الألوان الزاهية المنتشرة فى صحاري جنوب غربي الولايات المتحدة. الأشجار السيكاسيه. تشبه أشجار النخيل، ولها جذع غير متفرع وتاج ذو أوراق ريشية طويلة. لكن السيكاسيات أقرب لأشجار الصنوبر منها إلى أشجار النخيل. وتنتج بذورا في مخاريط تشبه المخاريط الكبيرة للصنوبر قبل ملايين السنين. وكانت السيكاسيات تنمو في جميع أنحاء العالم ـ تقريبًا. أما في عصرنا الحالي فتنمو في الغالب في قليل من المناطق الدافئة الرطبة بإفريقيا وآسيا وأمريكا الوسطى. انظر: السيكاسية. السراخس الشجرية. أفضل تعريف لها هو أنها نباتات قصيرة بعض الشيء ذات أوراق ريشية خضراء، لكن في بعض المناطق الاستوائية والمناطق ذات المناخ المعتدل نجد أن بعض النباتات ذات الصلة تصير أشجارا. والسراخس الشجرية تشبه أشجار النخيل كثيرا، لكنها تنتمي إلى مجموعة مختلفة من النباتات. والسراخس الشجرية ليس لها أزهار أو مخاريط ولذلك لاتتكاثر بوساطة البذور، بل تتكاثر بوساطة أجسام صغيرة تسمى أبواغًا وهي التي تنمو في السطح السفلي للأوراق. انظر: السرخس. أشجار الجنكة. نوع قديم جدًا من الأشجار. قبل ملايين السنين كانت هناك أنواع مختلفة منها لم يبق منها إلا نوع واحد فقط في وقتنا الحاضر. والجنكة ـ مثلها مثل الأشجار ذات الأوراق الإبرية ـ تتبع عاريات البذور، لكن على النقيض من بقية عاريات البذور، تتميز الجنكة بأوراق مروحية الشكل، وتشبه هذه الأوراق، الأوراق الريشية لأحد أنواع السراخس يسمى كزبرة البئر. ولذلك يطلق على الجنكات في بعض الأحيان أشجار شعر العذارى. وهذه الأشجار مستوطنة في آسيا، ولكن زرعت منها أعداد كبيرة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. الأشجار المتحجّرة. قبل 300 مليون سنة مضت، كانت هناك غابات كاملة مكونة من أنواع من الأشجار تختلف عن معظم الأشجار التي تنمو في الوقت الحاضر. وكانت تنمو إلى جانب السراخس الشجرية أشجار رجل الذئب وذنب الحصان العملاقة وذلك في مستنقعات رطبة وحارة. ماتت أشجار كثيرة ونباتات المستنقعات الأخرى ودُفنت وتحولت إلى فحم عبر ملايين السنين، وفي مواقع أخرى تحجرت الغابات المدفونة؛ أي تحولت إلى أحجار. تحتوي ترسبات الفحم والغابات المتحجرة على أحافير الأشجار التي ماتت منذ أكثر من 100 مليون سنة مضت انظر: الأحفورة. وتعتبر أشجار رجل الذئب وأشجار ذنب الحصان نوعين من أنواع الأشجار المنقرضة التي كانت تغطي المستنقعات التي تكوّن فيها الفحم، أما نباتات رجل الذئب وذنب الحصان الموجودة الآن فهي نباتات عشبية. أجزاء الشجرة
الجذع والفروع. هي التي تعطي الشجرة شكلها العام. وتنمو جذوع معظم الأشجار إبرية الأوراق مستقيمة إلى قمة الشجرة، وتنمو الفروع من الجذع إلى الخارج. وفي معظم هذه الأشجار تكون الفروع القريبة من القمة أقصر من الفروع السفلى، مما يكسب التاج شكلا مخروطيا. أما جذوع الأشجار ذات الأوراق العريضة فلا تصل إلى قمة الشجرة، بل ينقسم الجذع إلى فروع منتشرة قرب قاعدة التاج، مما يكسب التاج شكلاً مستديرًا. وتتفرع جذوع أنواع قليلة من الأشجار عريضة الأوراق ـ في بعض الأحيان ـ قرب سطح الأرض لتظهر الأشجار وكأن لها أكثر من جذع. وتتكون جذوع الأشجار العريضة الأوراق وإبرية الأوراق، وكذلك فروعها وجذورها من أربع طبقات من الأنسجة النباتية ملفوف بعضها حول بعض. وهذه الطبقات ـ بدءًا من مركز الجذع إلى الخارج ـ هي: 1- نسيج الخشب 2- النسيج الإنشائي 3- اللحاء 4- الفلين. ونسيج الخشب هو الجزء الخشبي الذي يحتل مركز الجذع وماحوله، كما يحتوي على أنابيب صغيرة لتوصيل الماء والعناصر الغذائية المذابة فيه من الجذور إلى الأوراق. ويطلق على هذا الماء اسم النسغ. أما النسيج الإنشائي الذي يحيط بنسيج الخشب فهو طبقة رفيعة من الأنسجة النامية، وظيفتها مساعدة النمو العرضي وزيادة سمك الجذع والفروع والجذور. أما اللحاء ويسمى أيضًا القلف الداخلي فهو طبقة من النسيج الناعم الذي يحيط بالنسيج الإنشائي، واللحاء ـ مثله مثل نسيج الخشب ـ به أنابيب صغيرة، والغذاء الذي تصنعه الأوراق يُنقل بوساطة اللحاء إلى بقية أجزاء الشجرة. لاينفصل النسيج الخشبي واللحاء إلى طبقتين منفصلتين في كلِّ من أشجار النخيل والسراخس الشجرية، بل تتصل قطع من النسيج الخشبي مع قطع من اللحاء لتكون أنابيب صغيرة مزدوجة منتشرة في الجذع. أما طبقة الفلين فهي القلف الخارجي للشجرة. وهي تكوِّن طبقة جلدية من نسيج ميت صلب يحمي الأجزاء الحية الداخلية من الأضرار. ويتمدد القلف لتمكين الجذع والفروع من النمو في السُّمك. ويكون قلف بعض الأشجار، مثل أنواع الزان، وأنواع القضبان أملسَ؛ لأنه يتمدد بسهولة. ولكن قلف معظم أنواع الأشجار الأخرى لايتمدد بهذه السهولة، وعندما ينمو الجذع والفروع في السُّمك تضغط على القلف، فيتشقق في النهاية ويجف ويصير مُحَفّرًا وخشنا. وتَسْتبدل معظم الأشجار بقلفها القديم طبقة جديدة من وقت لآخر. الأوراق. تختلف أوراق أنواع الأشجار المختلفة كثيرا من حيث الحجم والشكل. فأشجار النخيل لها أوراق يصل طولها إلى أكثر من 6م، بينما قد لايصل طول أوراق بعض الأشجار ذات الأوراق الإبرية إلى 10مم. وبعض الأشجار عريضة الأوراق تحمل أوراقا مركبة مكونة من وريقات صغيرة. والوظيفة الرئيسية للأوراق هي تصنيع الغذاء للشجرة. ولكل ورقة عرق أو أكثر، ويتكون كل عرق من نسيج خشبي ونسيج من اللحاء، أما النسيج الذي يحيط بهذه العروق فيحتوي على أجسام صغيرة خضراء تسمى البلاستيدات الخضراء، ثم يمر الماء من الجذور خلال النسيج الخشبي في الجذع والفروع ثم الأوراق ثُمَّ إلى البلاستيدات الخضراء التي تستعمل الماء لتصنيع الغذاء السكري. وتُستعمل نسبة ضئيلة فقط من الماء الذي يصل إلى الأوراق في تصنيع السكريات، وتفقد الأوراق معظم كمية الماء في الجو عن طريق النتح (التبخر). الغذاء المصنع في الأوراق ـ مثله مثل الماء والعناصر الغذائية الذائبة فيه والمنقولة من الجذور ـ يُسمى أيضًا نسغًا، وينتقل بوساطة لحاء الأوراق والفروع والجذع إلى أجزاء الشجرة التي تحتاجه. انظر: النسغ. تخضرُّ كل الأوراق ـ تقريبا ـ في فصلي الربيع والصيف. ويأتي لونها الأخضر من الكلوروفيل (اليخضور)، وهو مادة خضراء داخل البلاستيدات الخضراء. تحتوي معظم الأشجار أيضا على مواد حمراء وصفراء في أوراقها، لكن خضرة الكلوروفيل تطغى على هذه الألوان. يتكسر الكلوروفيل الموجود فى أوراق كثير من الأشجار عريضة الأوراق وذلك مع نهاية فصل الصيف وبداية فصل الخريف، ثم تموت الأوراق بعد أن تظهر ألوانها الحمراء والصفراء المحجوبة. وبعد تكسُّر الكلوروفيل تُظهر أوراق كثير من الأشجار ألوانا قرمزية وبنفسجية، انظر: الورقة. الجذور. وهي فروع طويلة للجذوع تنمو تحت سطح الأرض، لها طبقات الأنسجة نفسها التي تُكوِّن الجذع. تختص الجذور بتثبيت الشجرة في الأرض وامتصاص الماء والمواد المعدنية المذابة فيه من التربة. وتتفرَّع الجذور الرئيسية إلى جذور فرعية صغيرة تتفرع بدورها إلى جذور أصغر، وتبدأ الجذور الرئيسية في التفرع على عمق قد يصل من 30سم إلى 60 سم تحت سطح الأرض. وبعض الأشجار لها جذر رئيسي واحد أكبر من بقية الجذور، وهذا الجذر يسمى الجذر الوتدي ويمتد مستقيما إلى أسفل على عمق خمسة أمتار أو يزيد. تُكوّن الشجرة ملايين الجذور الصغيرة. وكل جذر ينمو في الطول عند طرفه الرفيع، ومع نمو طرفه يدفع الجذر نفسه خلال دقائق التربة. وتنمو آلاف الشعيرات الجذرية الرفيعة البيضاء خلف طرف الجذر. وعندما يتصل طرف الجذر بقطرات من الماء في التربة، تمتص الشعيرات الجذرية الماء والعناصر المذابة فيه. وتحمل طبقة نسيج الخشب في الجذور والجذع والفروع هذا النسغ إلى الأوراق. تنمو بعض الفطريات على جذور معظم الأشجار في علاقة مفيدة تسمى الجذور الفطرية. وتساعد هذه الفطريات الجذور على امتصاص الماء والعناصر الغذائية المذابة فيه. كما أنها تحمي الجذور من بعض الأمراض.
وتنتج كاسيات البذور ـ الأشجار ذات الأوراق العريضة والنخيل والكاذي والزنبق ـ البذور عن طريق الأزهار، وتنتج بعض الأشجار عريضة الأوراق مثل أنواع قسطل الحصان وأنواع المغنولية أزهارًا كبيرة وجذابة، بينما تنتج أنواع أخرى أزهارا بسيطة الشكل وصغيرة. ومعظم أشجار النخيل والكاذي والزنبق لها أزهار صغيرة تنمو في شكل باقات أو عناقيد، وتكون لهذه الأزهار ـ أحيانا ـ ألوان ساطعة وروائح عطرة. وتكون بذور كاسيات البذور مطوقة لتكوِّن الثمرة. يوجد غطاء لحمي خارجي لثمار بعض الأشجار العريضة الأوراق مثل التفاح والكرز. وهناك أشجار أخرى عريضة الأوراق مثل البلوط وثمار الزان تنتج جوزًا صلبًَا. أما أنواع أشجار المُرَّان والدردار والقيقب فلها ثمار رفيعة ذات أجنحة. ولأنواع النخيل والكاذي والزنبق ثمار متنوعة تتفاوت مابين الثمار الجوزية واللحمية. أما عاريات البذور ـ الأشجار ذات الأوراق الإبرية والسيكاسيات، والجنكات ـ فليس لها أزهار أو ثمار، وتُحمل بذورها في مخاريط أو تراكيب مشابهة لها. وبذور الأشجار ذات الأوراق الإبرية والسيكاسيات ليس لها أغطية واقية، أما بذور الجنكة فلها غطاء لحمي خارجي ولكنه ليس ثمرة حقيقية. كيف تنمو الشجرة
وتحتاج الأشجار إلى كميات كبيرة من الماء؛ فشجرة تفاح كبيرة ومورقة قد تمتص 360 لترًا من الماء من التربة يوميا. وتصل معظم كمية الماء إلى الأوراق. ويسري الماء في الأشجار عبر الجذوع بسرعة 90سم في الدقيقة في يوم مصيف مشمس، ويشكِّل الماء نصف وزن خشب الشجرة. كيفية نمو البذور إلى أشجار. تحتوي البذرة على الأجزاء التي تنمو، وتكوّن جذع وجذور الأشجار، ولها أيضا فلقة أو أكثر كما تحوي مخزون الغذاء النباتي. بعد أن تترك البذرة الشجرة الأم، تبقى على الأرض فترة. يساعد كل من الماء والهواء وضوء الشمس البذور لكي تنبت. ويتجه الجزء الذي ينمو ويتحول إلى جذع في البذرة إلى أعلى في اتجاه ضوء الشمس. وعندما تمتص البذرة الماء يتمدد الجزء الجذري، ويندفع خارجا من قشرة البذرة. وأثناء نمو الجذر يتغلغل تدريجيا إلى أعماق التربة. تتغذى الشجرة بالغذاء المخزون في البذرة. وعندما يبدأ الجذر في امتصاص الماء من التربة، يبدأ الجذع في تكوين الأوراق. كيف تصنع الأوراق الغذاء للنبات. تحصل الأوراق على النسغ أثناء نموها من الجذر، كما أنها تمتص ثاني أكسيد الكربون من الهواء. وتستعمل الورقة الطاقة الشمسية لتحويل النسغ وثاني أكسيد الكربون إلى مواد سكرية، في عملية تسمى التركيب الضوئي. وتوفر هذه السكريات الغذاء اللازم للجذع والفروع والجذور. وفي أثناء عملية التركيب الضوئى تنتج الأوراق أيضا أكسجين وتطلقه في الجو. انظر: الورقة. كيف تزداد الأشجار في الطول. تنمو الأشجار وترتفع من أطراف جذوعها وفروعها فقط. ويتكون برعم كل عام في طرف الجذع وطرف كل فرع من فروعه. يحتوي البرعم على ساق ورقي أخضر صغير يُسمى غصنًا، وهو ملفوف أيضًا في غطاء واق من حراشف البرعم. تتمدد البراعم وتتفتح بعد فترة من الراحة، ثم يبدأ المجموع الخضري الموجود داخل البرعم في النمو، ومن ثَمَّ تزيد من ارتفاع كل من الجذع والفروع. وهناك نوع آخر من البراعم ينمو على جوانب كل من الجذع والفروع. وتحتوي هذه البراعم على مجموع خضري ينمو ويتحول إلى غصن حامل للأوراق بعد تفتح البرعم، وبمرور الزمن ينمو الغصن نموًا كبيرًا ويُكوِّن فرعًا آخر من فروع الشجرة. وتنمو بعض براعم الأشجار إلى أزهار. وينمو بعضها الآخر إلى أغصان تحمل أوراقا وأزهارا في آن واحد. تُكوِّن الأشجار في المناطق الدافئة البراعم بشكل مستمر طوال العام أو تستمر في النمو دون تكوين أية براعم. أما في المناطق الباردة فتكوِّن الأشجار البراعم في الصيف فقط. وتمر هذه البراعم بفترة سكون خلال فصل الشتاء، ثم تتفتح بعد أن يُصبح الجو دافئا خلال فصل الربيع. تنمو الأشجار التي ليست لها فروع ـ كالسيكاسيات ومعظم أنواع النخيل والسراخس الشجرية ـ بطرق مختلفة بعض الشيء. فعلى سبيل المثال، لا يزداد طول شجرة النخيل صغيرة السن لعدة سنين، بل يزداد سمك جذعها وتنتج أوراقا أكثر وذات حجم أكبر كل عام. وعندما يصل حجم الجذع والتاج إلى البلوغ والاكتمال تبدأ الأشجار في النمو الطولي. ويبقى الجذع على سُمْكه هذا طيلة حياة الشجرة. كيفية ازدياد سمك كل من الجذع والفروع. يزداد سمك كل من جذع وفرع الشجرة العريضة الأوراق أو إبريتها طوال حياة الشجرة، ويتسبب النسيج الإنشائي الذي يمتد تحت القلف الداخلي مباشرة في زيادة هذا السمك؛ إذ يُستخدم السكر المُصنَّع بوساطة الأوراق في تكوين نسيج نباتي جديد. يكون فيه اللحاء الجديد القلف الداخلي خارجه والنسيج الخشبي أو المادة الخشبية إلى الداخل. يتكون الخشب ـ بصفة عامة ـ من السليلوز، وهو مادة قوية مصنوعة من السكر. يتكون النسيج الخشبي من نوعين من الخشب هما؛ خشب النسغ و خشب القلب، ويُعدُّ خشب النسغ ـ وهو خشب نشط يحتوي على الأنابيب الصغيرة التي تحمل النسغ أو العصارة ـ هو الأقرب من النسيج الإنشائي في المناخ الاستوائي. يستمر سمك خشب النسغ في الزيادة طوال العام في المناخ الاستوائي. أما في المناخ البارد فتتكون طبقة جديدة من خشب النسغ في العادة مع بداية فصل الصيف، وكلما تقدمت الشجرة في السن يتوقف الخشب الأقرب إلى المركز عن العمل، وهذا هو خشب القلب الذي يساعد على دعم وتقوية الشجرة. في المناطق التي تُكوِّن فيها الأشجار طبقةً جديدة من الخشب مرة واحدة خلال العام، تكون هذه الطبقات سلسلة من الحلقات السنوية، وتمثل كل طبقة نمو عام واحد. وبعد أن تُقطَع الشجرة يكون بإمكان الشخص أن يَحسِبَ عدد الحلقات لتحديد مدى عمر الشجرة. وجد العلماء أن التغييرات الطفيفة التي تحدث في تركيب سليلوز الشجرة تكشف عن أنواع المناخ التي تعرضت لها الشجرة.
وعندما يكتمل نضج الثمرة أو المخروط تكون البذور جاهزة لترك الشجرة، ثم تَنثر الرياح بذور الأشجار ذات الأوراق الإبرية والبذور والثمار المجنّحة في بعض الأشجار عريضة الأوراق، مثل أنواع المران، والقيقب، والحور، والصفصاف، وتنثر الطيور والسناجب والحيوانات الأخرى البذور المحفوظة في جوز أو المغطاة بثمار لحمية، كما تحمل تيارات البحر في بعض الأحيان بذور نخيل جوز الهند وأشجار المانجروف. ويمكن للأشجار أن تتكاثر ـ أيضا ـ عن طريق عملية تسمى التكاثر الخضري؛ فبعد أن تُقطع الشجرة أو تسقط بسبب الرياح قد تكوِّن الأرومة (باقي الجذع المقطوع) نموات جديدة خضراء، وبمرور الزمن قد ينمو أحد أو عدد من هذه النموات إلى أشجار، وقد تنشأ كتل من القضبان والزنبق بهذه الطريقة. تكوِّن جذور كل من أشجار التفاح وأشجار الحور الرجراج وأشجار أخرى ـ أحيانًا ـ مجاميع خضرية تسمى أغصانًا جذرية قد تنمو ـ أيضًا ـ إلى أشجار. تكوِّن بعض أنواع أشجار الراتينجية التي تنمو في المستنقعات جذورا من فروعها. وتسمى طريقة التكاثر هذه بالترقيد. بالإضافة إلى ذلك فإن عمال المشاتل يقومون بإنماء الأشجار من العُقَل أي يزرعون الأغصان المقطوعة من أشجار كبيرة السن وتكوِّن جذورا. الأشجار حول العالم
تنمو معظم الأشجار عريضة الأوراق بشكل كثيف في المناطق الدافئة الرطبة لفترة لا تقل عن ثلاثة أو أربعة أشهر في العام. وتُعد المناطق الأكثر برودة وجفافا من أنسب المناطق لنمو معظم الأشجار ذات الأوراق الإبرية، ولكن بعض الأشجار ذات الأوراق العريضة، مثل أنواع القضبان، والصفصاف تنمو جيدا في المناطق الباردة، كما أن بعض الأشجار ذات الأوراق الإبرية، مثل الطقسوديوم وأنواع الصنوبر المختلفة، تحتاج إلى مناخ دافئ بعض الشيء. كما تنمو أشجار النخيل في المناطق الدافئة من أرجاء العالم المختلفة، وبخاصة المناطق الاستوائية الرطبة والجافة. وتنمو أشجار الكاذي والسيكاسيات والسراخس الشجرية ـ غالبا في المناطق الاستوائية الرطبة والمناطق الدافئة الرطبة الأخرى. كما تزدهر أشجار الزنبق أيضا في المناطق الدافئة، لكنها لاتحتاج إلى رطوبة عالية مثل أشجار الكاذي والسيكاسيات والسراخس الشجرية. تحتاج معظم أنواع الأشجار المختلفة ـ أيضا ـ إلى أنواع مختلفة من التربة. فينمو كثير من الأشجار ذات الأوراق الإبرية جيدا في التربة الرملية الفقيرة. بينما تحتاج معظم الأشجار ذات الأوراق العريضة إلى تربة أكثر خصوبة. وتنمو بعض الأشجار منفردة أو في مجموعات صغيرة. وفي المناطق قليلة الرطوبة، قد تنمو الأشجار على ضفاف الأنهار فقط، وقد تنمو بذور الأشجار التي تحملها تيارات البحر على السواحل. كما يزرع الناس أشجارا منفردة في أماكن، مثل المتنزهات والحدائق، لكن الغالبية العظمى من الأشجار تنمو في الغابات، حيث تتكون مناطق الغابات في العالم ـ غالبًا ـ من أشجار عريضة الأوراق وأشجار إبرية الأوراق.
لقد غطت الغابات ذات الأوراق العريضة في الماضي مساحات شاسعة من نصف الكرة الشمالي. واشتملت على أشجار مثل أنواع المران والقضبان والزان والبلوط. وبمرور الزمن، قُطعت معظم أشجار هذه الغابات لتوفير الأخشاب والوقود ولإفساح المجال للزراعة والمدن. وفي الوقت الحاضر توجد الغابات عريضة الأوراق في مناطق محدودة. تغطي غابات من ذوات الأوراق العريضة والتي تتكون غالبًا من نوع الحور الرجراج الكاذب والحور البلسمي، مساحات شاسعة في جنوب سيـبريا، وأجزاء من جنوبي كندا. كما تنمو غابات من أنواع البتولا والبلوط في شرقي أوروبا وعلى طول ساحل البحر الأصفر بالصين وكوريا. أما في أستراليا فتسود كل من أشجار الأوكالبتوس والأكاسيا المناظر الطبيعية. وتعتبر أشجار الأوكالبتوس من أعلى الأشجـار في العـالم؛ إذ يبلـغ ارتفاع بعضـها أكثـر من 90م. وتنمو في مناطق عديدة غابات مختلطة من الأشجار العريضة الأوراق والإبرية الأوراق، بالقرب من الغابات العريضة الأوراق أو الغابات الإبرية الأوراق. ويوجد هذا النوع من الغابات وبمساحات كبيرة في كل من أواسط وجنوبي أوروبا وأواسط كندا، وشرقي الولايات المتحدة، وشرقي آسيا.
وتوجد أكبر الغابات الاستوائية في كل من أمريكا الجنوبية، وأمريكا الوسطى، ووسط إفريقيا، وجنوب شرقي آسيا. تتعرض الغابات الاستوائية في كثير من الأقطار في هذه المناطق إلى عمليات إبادة من أجل سد متطلبات العالم من الأخشاب، ولتهيئة الأرض للزراعة والتعمير. كانت الغابات الاستوائية في نهاية الثمانينيات من القرن العشرين تغطي مساحة تقدر بـ 10,000,000كم² تقريبا، يباد منها مايقرب من 100,000كم² كل عام. تسبَّب قطع الأشجار بغرض التجارة ـ أي قطع الأشجار لبيعها كأخشاب ـ في دمار بيئي كبير، ويتسبب قطع الأشجار الأكبر حجمًا ـ أيضًا في دمار الأشجار الأصغر حجمًا ـ كما أن الآلات الثقيلة المستعملة في القطع تتسبَّب في قطع ماتبقى من الغطاء النباتي. وكانت الأشجار الاستوائية تُقطَّع لتوفير البدائل لأخشاب المناطق المعتدلة القيمة مثل الزان والبلوط والجوز. وللأخشاب الصلدة الاستوائية أيضا خصائص إنشائية وتجميلية تتوفر لدى أشجار المناطق المعتدلة. تتعامل تجارة الأخشاب مع عدد قليل من أنواع الأشجار الاستوائية. ففي غابة الأمازون مثلا، يُستعمل 50 نوعا فقط (من عدة آلاف من الأنواع). وفي إفريقيا توفر 10% فقط من الأنواع المتاحة 70% من جملة صادرات الأخشاب. أما جنوب شرقي آسيا فصادراتها من تجارة الأخشاب تركز على 12 نوعا من الأشجار. وتعتمد الجابون، أحد أقطار غربي إفريقيا في 90% من صادراتها على نوع واحد من الأشجار هو الأُكومي. تهدد عملية قطع أشجار الأخشاب الصلدة، بانقراض بعض الأنواع. والأنواع المعرَّضة لهذا الخطر أنواع مألوفة من الأخشاب الصلدة الاستوائية القيّمة مثل التيك وبدائل التيك وبدائل الزان والماهوجني والأخشاب الاستوائية الحمراء الأخرى. ويعتبر التيك أحد أفضل الأشجار الاستوائية المعروفة وأعلاها قيمة؛ فهو مع قوته ومتانته التي تعادل قيمة ومتانة البلوط، فإنه يمكن أن يُشكَّل بسهولة، وقد استُعمل عبر القرون لبناء السفن والقوارب. وتزداد ندرة التيك هذه الأيام، في مواطن انتشاره الطبيعي، وهي غابات مناطق الرياح الموسمية بجنوب شرقي آسيا، ولكنه يزرع الآن في مزارع تجارية. لقد أدت ندرة التيك وارتفاع أسعاره إلى استعمال أخشاب أخرى ذات خصائص مشابهة للتيك، ويعتبر البديل الأول للتيك الأفرورموزيا، الذي ينمو في غربي ووسط إفريقيا. وبعد 40عاما من تصديرها أصبحت هذه الشجرة القيِّمة مهددة بالانقراض. يُعد الأفرورموزيا نوعًا بطيءَ النمو على النقيض من شجر التيك. بـيع نوع آيروكو الذي يتميز بنعومة التعرق والخشب الثقيل في الأسواق العالمية لسنوات عديدة تحت اسم تيك غربي إفريقيا، وهو الآن من الأنواع النادرة. وبمعدلات القطع الحالية يتوقع أن تنقرض شجرة آيروكو بنهاية القرن العشرين. وهناك نوع آخر من الأخشاب التجميلية، وهو تيك بورنيو وهو عبارة عن خشب بني محمر داكن، يستعمل في كل من صناعة الأثاث وأطُر النوافذ، وأرضيات الأماكن المزخرفة (الباركيه). وقد تم استنزاف معظم غابات تيك بورنيو الطبيعية ماعدا ما وُجد منها في كل من إندونيسيا وبابوا غينيا الجديدة. اتجه تجار الأخشاب للمناطق الاستوائية بحثا عن بدائل الزان الأوروبي. وقد تسبب ذلك في انخفاض أعداد الأنواع الشائعة مثل أوبيكي غربي إفريقيا و رامن الإندونيسي. وقد منعت نيجيريا تصدير الأوبيكي في عام 1975م. ويُعد الماهوجني الكوبي من الهبات الأصيلة للعالم الجديد، أو الماهوجني ذو الورقة الصغيرة. وقد عُرف كنوع جيد من الخشب بوساطة الغزاة الفاتحين، وقد بنيت سفن الأسطول الأسباني الضخمة من هذا الخشب المتين، ضيق التعرق. ويتسبب اختلاف ظروف النمو في اختلاف الألوان في الخشب، ولكن كل الماهوجني ـ تقريبا ـ يميل للون البني المحـمر الداكن مع بريق أصــفر. وبالإضــافة إلى جماله فالماهوجني سهل التشكيل والإعداد ويقاوم التشقق والالتواء بعد تشكيله وإعداده. تتعرض كل أنواع الماهوجني الآن إلى التهديد بالانقراض؛ لقد أُبيد كل الماهوجني الصغير الورقة، الذي ينمو في حالة طبيعية تقريبا. وقد استخدمت حكومة البرازيل حراسًا مسلحين لمنع إزالة كتل الماهوجني من مناطق الهنود. يميل تجار الأخشاب إلى تسمية كثير من الأخشاب المدارية الحمراء بالماهوجني، على الرغم من أنها ليست بالماهوجني الحقيقي، وهي بصورة عامة هشة أكثر من أنواع الماهوجني الحقيقي. ويطلق على أنواع الدبتروكارب التي تمثل غالبية صادرات جنوب شرقي آسيا عدة أسماء محلية. وقد تسمى الأخشاب نفسها أو أخشاب مشابهة بالماهوجني الفلبيني أو لَوَان في الفلبين، بينما يُطلق عليها سرايا في إندونيسيا و مَارَنْتي في غربي ماليزيا. هناك نوع من الخشب، شبيه بالماهوجني يوجد في غربي إفريقيا. ويسمى خايا أو الماهوجني الأحمر. ظل يباع في أوروبا منذ أواسط القرن التاسع عشر، وتشبه أوصاف هذا الخشب أوصاف الماهوجني الحقيقي، ولذا يوجد عليه طلب شديد. لقد أوقفت غانا تصدير خمسة أنواع من الأخشاب لمنع انقراضها، بينما يظل نوع أكَاجُو، ـ وهو خشب التصدير الرئيسي بساحل العاج ـ مهددا بالانقراض.
اتخذت بعض الأقطار المنتجة للأخشاب خلال ثمانينيات القرن العشرين الميلادي خطوات لتأمين تراثها الطبيعي، فطبقت كل من نيجيريا وغانا والفلبين وماليزيا وإندونيسيا إجراءات تَحدّ من تصدير الأخشاب. وفى عام 1988م فرضت تايلاند حظرًا فوريا على قطع وتداول الأشجار. وتتضمن الأهداف بعيدة المدى للمحافظين على البيئة، الإدارة الرشيدة للغابات وإقامة مزارع للأشجار الاستوائية، وهذان الهدفان كانا نصب أعين المهتمين بالحفاظ على البيئة. وقد تجلى ذلك بوضوح في المعاهدة العالمية لأخشاب المناطق الاستوائية والتي أصبحت قيد التنفيذ في إبريل عام 1985م.
وينمو عدد قليل من الغابات ذات الأوراق الإبرية في المناطق الأكثر دفئا. على سبيل المثال تغطي مساحات شاسعة من غابات الصنوبر جنوب شرقي الولايات المتحدة. توفر هذه الغابات كميات كبيرة من الأخشاب الصالحة لإنتاج الأخشاب المنشورة ولب الورق. زراعة الأشجار ورعايتها
اختيار الأشجار المناسبة. لكي تنمو الأشجار بطريقة جيدة يجب أن تكون الشجرة ملائمة للمنطقة التي تُزرع فيها. والأشجار التي تُجلب من مناطق بعيدة يجب أن تُزرع في المناطق ذات المناخ المشابه لموطنها الأصلي فقط، وكذلك يجب وضع الخصائص المميزة للشجرة بعين الاعتبار عند زراعتها. على سبيل المثال، يجب ألا تُزرع الأشجار ذات الجذور المنتشرة بالقرب من المنازل؛ لأن الجذور قد تضر بالمصارف والأساسات أو تسدّ أنابيب الصرف الصحي. تُعدُّ الأشجار ذات التيجان المورقة كاملة الانتشار، من أحسن أشجار الظلّ كما تُعد الأشجار ذات الأزهار الجذابة، مثل أشجار المغنولية، من أشهر أشجار الزينة. تُزرع الأشجار ذات الأوراق الإبرية كأشجار زينة في أنحاء كثيرة من العالم، كما أنها تستعمل مصدات رياح جيدة، كما تزرع بعض الأشجار ذات الأوراق العريضة مثل الحَوْر اللمُّباردي مصدات رياح. تُُعد أشجار التفاح والكرز من أشهر أشجار الفاكهة في المناطق ذات المناخ المعتدل. أما في المناطق ذات المناخ الدافئ فيزرَع كثير من الناس أشجار الحمْضِيّات. زراعة الشجرة. يجب أن تزرع الشجرة في موقع جيد، بحيث يتوفّر لها مكان فسيح يساعد على اكتمال نموها، ويجب أن تكون التربة خصبة وذات صَرْفٍ جيد بحيث لاتتجمع المياه وتغمر الجذور. ويتطلب نمو الشجرة من البذرة وقتا طويلا وجهدا كبيرا، ولذا يُفضِّل معظم الناس شراء الشجرة من المشاتل، ليغرسوها مباشرةً في تربة مناسبة لها. وأنسب وقت لنقل الأشجار عندما تكون في موسم سبات، أي في فصل الخريف أو الشتاء أو بداية الربيع. ويمكن اقتلاع جذور الشجرة متساقطة الأوراق بدون أن تكون مغطاة بالتربة، ولكن يجب حفظها في مكان رطب أثناء بقائها خارج الأرض، أما جذور الأشجار الدائمة الخضرة فيجب اقتلاعها وهي محاطة بكتلة كروية من التربة. يجب أن تشمل الحفرة التي تُعد لزراعة أية شجرة جديدة حَيِّزا كافيا لكل الجذور تحت سطح الأرض. يجب قبل الغرس مباشرة أن تقطع الجذور الطويلة بشكل مائل، لتشجيع نمو جذور جديدة. وإذا كانت الشجرة من نوع أشجار الأخشاب الصلدة، فيجب قطع القمة وتقليم الفروع بتقصيرها إلى مايقرب من ربع طولها الأصلي، لتخفيف العبء على الجذور خلال مرحلة النَموّ الأولى. وقد تحتاج الأشجار الصغيرة إلى دعامات من الأوتاد لحمايتها من العواصف. انظر: الشتل. رعاية الشجرة. تروى الشجرة الصغيرة بمعدلات معتدلة حتى تكوِّن جذورًا قوية. ويستغرق ذلك ـ عادة ـ نحو العام، كما يجب أن تُغذى بالعناصر الغذائية، لتحقيق نمو قوي. ويحسن تقليم (تشذيب) وقطع البراعم السفلى لبعض أشجار الظل الصغيرة لمنع نمو الكثير من الفروع السفلية، ولكن يجب ترك براعم كافية حتى يكون للشجرة تاج مورق وكامل. وكلما كونت الشجرة فروعا في أجزائها العليا يمكن إزالة فروع سفلية إضافية. انظر: التقليم. قد تصاب الشجرة بآفات حشرية أو أمراض، غير أنه يمكن وبطرق الرعاية العادية أن تتغلب الأشجار على معظم الإصابات غير الخطرة. لكن إذا عجزت الأشجار عن تكوين أوراق بالأعداد العادية أو إذا بدت الأوراق شاحبة، فإنها تحتاج إلى رعاية مِهَنيّ متخصص في أمراض النبات. ويهدد تلوث الجو في بعض المناطق حياة الأشجار. أسئلة
|